كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كان الذي يدعوهم إليه رسلهم هو الاعتقاد بألوهية الله وحده، وربوبيته للبشر بلا شريك من عباده.
فإن الشك في هذه الحقيقة الناطقة التي تدركها الفطرة، وتدل عليها آيات الله المبثوثة في ظاهر الكون المتجلية في صفحاته، يبدو مستنكرًا قبيحًا. وقد استنكر الرسل هذا الشك. والسماوات والأرض شاهدان.
{قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض}..
أفي الله شك والسماوات والأرض تنطقان للفطرة بأن الله أبدعهما أبداعًا وأنشأهما إنشاء؟ قالت رسلهم هذا القول، لأن السماوات والأرض آيتان هائلتان بارزتان، فمجرد الإشارة إليهما يكفي، ويرد الشارد إلى الرشد سريعًا، ولم يزيدوا على الإشارة لأنها وحدها تكفي؛ ثم أخذوا يعددون نعم الله على البشر في دعوتهم إلى الإيمان، وفي إمهالهم إلى أجل يتدبرون فيه ويتقون العذاب:
{أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم}.
والدعوة أصلًا دعوة إلى الإيمان، المؤدي إلى المغفرة. ولكن السياق يجعل الدعوة مباشرة للمغفرة، لتتجلى نعمة الله ومنته. وعندئذٍ يبدو عجيبًا أن يدعى قوم إلى المغفرة فيكون هذا تلقيهم للدعوة!
{يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم}.. {ويؤخركم إلى أجل مسمى}..
فهو سبحانه مع الدعوة للمغفرة لا يعجلكم بالإيمان فور الدعوة، ولا يأخذكم بالعذاب فور التكذيب. إنما يمن عليكم منة أخرى فيؤخركم إلى أجل مسمى. إما في هذه الدنيا وإما إلى يوم الحساب، ترجعون فيه إلى نفوسكم، وتتدبرون آيات الله وبيان رسلكم. وهي رحمة وسماحة تحسبان في باب النعم.. فهل هذا هو جواب دعوة الله الرحيم المنان؟!
هنا يرجع القوم في جهالتهم إلى ذلك الاعتراض الجهول:
{قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا}..
وبدلًا من أن يعتز البشر باختيار الله لواحد منهم ليحمل رسالته، فإنهم لجهالتهم ينكرون هذا الاختيار، ويجعلونه مثار ريبة في الرسل المختارين؛ ويعللون دعوة رسلهم لهم بأنها رغبة في تحويلهم عما كان يعبد آباؤهم. ولا يسألون أنفسهم: لماذا يرغب الرسل في تحويلهم؟! وبطبيعة الجمود العقلي الذي تطبعه الوثنيات في العقول لا يفكرون فيما كان يعبد آباؤهم: ما قيمته؟ ما حقيقته؟ ماذا يساوي في معرض النقد والتفكير؟! وبطبيعة الجمود العقلي كذلك لا يفكرون في الدعوة الجديدة، إنما يطلبون خارقة ترغمهم على التصديق: {فأتوا بسلطان مبين}..
ويرد الرسل.. لا ينكرون بشريتهم بل يقررونها، ولكنهم يوجهون الأنظار إلى منة الله في اختيار رسل من البشر، وفي منحهم ما يؤهلهم لحمل الأمانة الكبرى: {قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده}..
ويذكر السياق لفظ {يمن} تنسيقًا للحوار مع جو السورة. جو الحديث عن نعم الله. ومنها هذه المنة على من يشاء من عباده. وهي منة ضخمة لا على أشخاص الرسل وحدهم.
ولكن كذلك على البشرية التي تشرف بانتخاب أفراد منها لهذه المهمة العظمى. مهمة الاتصال والتلقي من الملأ الأعلى. وهي منة على البشرية بتذكير الفطرة التي ران عليها الركام لتخرج من الظلمات إلى النور؛ ولتتحرك فيها أجهزة الاستقبال والتلقي فتخرج من الموت الراكد إلى الحياة المتفتحة.. ثم هي المنة الكبرى على البشرية بإخراج الناس من الدينونة للعباد إلى الدينونة لله وحده بلا شريك؛ واستنقاذ كرامتهم وطاقتهم من الذل والتبدد في الدينونة للعبيد.. الذل الذي يحني هامة إنسان لعبد مثله! والتبدد الذي يسخر طاقة إنسان لتأليه عبد مثله!
فأما حكاية الإتيان بسلطان مبين، وقوة خارقة، فالرسل يبينون لقومهم أنها من شأن الله. ليفرقوا في مداركهم المبهمة المظلمة بين ذات الله الإلهية، وذواتهم هم البشرية، وليمحصوا صورة التوحيد المطلق الذي لا يلتبس بمشابهة في ذات ولا صفة، وهي المتاهة التي تاهت فيها الوثنيات كما تاهت فيها التصورات الكنسية في المسيحية عندما تلبست بالوثنيات الإغريقية والرومانية والمصرية والهندية. وكانت نقطة البدء في المتاهة هي نسبة الخوارق إلى عيسى عليه السلام بذاته واللبس بين ألوهية الله وعبودية عيسى عليه السلام!
{وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله}..
وما نعتمد على قوة غير قوته:
{وعلى الله فليتوكل المؤمنون}..
يطلقها الرسل حقيقة دائمة. فعلى الله وحده يتوكل المؤمن، لا يتلفت قلبه إلى سواه، ولا يرجو عونًا إلا منه، ولا يرتكن إلا إلى حماه.
ثم يواجهون الطغيان بالإيمان، ويواجهون الأذى بالثبات؛ ويسألون للتقرير والتوكيد:
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون}..
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا}..
إنها كلمة المطمئن إلى موقفه وطريقه. المالئ يديه من وليه وناصره. المؤمن بأن الله الذي يهدي السبيل لابد أن ينصر وأن يعين. وماذا يهم حتى ولو لم يتم في الحياة الدنيا نصر إذا كان العبد قد ضمن هداية السبيل؟
والقلب الذي يحس أن يد الله سبحانه تقود خطاه، وتهديه السبيل، هو قلب موصول بالله لا يخطئ الشعور بوجوده سبحانه وألوهيته القاهرة المسيطرة؛ وهو شعور لا مجال معه للتردد في المضي في الطريق، أيًا كانت العقبات في الطريق، وأيًا كانت قوى الطاغوت التي تتربص في هذا الطريق. ومن ثم هذا الربط في رد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم بين شعورهم بهداية الله لهم وبين توكلهم عليه في مواجهة التهديد السافر من الطواغيت؛ ثم إصرارهم على المضي في طريقهم في وجه هذا التهديد.
وهذه الحقيقة حقيقة الارتباط في قلب المؤمن بين شعوره بهداية الله وبين بديهية التوكل عليه لا تستشعرها إلا القلوب التي تزاول الحركة فعلًا في مواجهة طاغوت الجاهلية؛ والتي تستشعرها في أعماقها يد الله سبحانه وهي تفتح لها كوى النور فتبصر الآفاق المشرقة وتستروح أنسام الإيمان والمعرفة، وتحس الأنس والقربى.
وحينئذ لا تحفل بما يتوعدها به طواغيت الأرض؛ ولا تملك أن تستجيب للإغراء ولا للتهديد؛ وهي تحتقر طواغيت الأرض وما في أيديهم من وسائل البطش والتنكيل. وماذا يخاف القلب الموصول بالله على هذا النحو؟ وماذا يخيفه من أولئك العبيد؟!
{وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا}..
{ولنصبرن على ما آذيتمونا}.
لنصبرن؛ لا نتزحزح ولا نضعف ولا نتراجع ولا نهن، ولا نتزعزع ولا نشك ولا نفرط ولا نحيد..
{وعلى الله فليتوكل المتوكلون}..
وهنا يسفر الطغيان عن وجهه. لا يجادل ولا يناقش ولا يفكر ولا يتعقل، لأنه يحس بهزيمته أمام انتصار العقيدة، فيسفر بالقوة المادية الغليظة التي لا يملك غيرها المتجبرون: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}.
هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية.. إن الجاهلية لا ترضى من الإسلام أن يكون له كيان مستقل عنها. ولا تطيق أن يكون له وجود خارج عن وجودها. وهي لا تسالم الإسلام حتى لو سالمها. فالإسلام لابد أن يبدو في صورة تجمع حركي مستقل بقيادة مستقلة وولاء مستقل، وهذا ما لا تطيقه الجاهلية. لذلك لا يطلب الذين كفروا من رسلهم مجرد أن يكفوا عن دعوتهم؛ ولكن يطلبون منهم أن يعودوا في ملتهم، وأن يندمجوا في تجمعهم الجاهلي، وأن يذوبوا في مجتمعهم فلا يبقى لهم كيان مستقل. وهذا ما تأباه طبيعة هذا الدين لأهله، وما يرفضه الرسل من ثم ويأبونه، فما ينبغي لمسلم أن يندمج في التجمع الجاهلي مرة أخرى..
وعندما تسفر القوة الغاشمة عن وجهها الصلد لا يبقى مجال لدعوة، ولا يبقى مجال لحجة؛ ولا يسلم الله الرسل إلى الجاهلية..
إن التجمع الجاهلي بطبيعة تركيبه العضوي لا يسمح لعنصر مسلم أن يعمل من داخله، إلا أن يكون عمل المسلم وجهده وطاقته لحساب التجمع الجاهلي، ولتوطيد جاهليته! والذين يخيل إليهم أنهم قادرون على العمل لدينهم من خلال التسرب في المجتمع الجاهلي، والتميع في تشكيلاته وأجهزته هم ناس لا يدركون الطبيعة العضوية للمجتمع. هذه الطبيعة التي ترغم كل فرد داخل المجتمع أن يعمل لحساب هذا المجتمع ولحساب منهجه وتصوره.. لذلك يرفض الرسل الكرام أن يعودوا في ملة قومهم بعد إذ نجاهم الله منها..
وهنا تتدخل القوة الكبرى فتضرب ضربتها المدمرة القاضية التي لا تقف لها قوة البشر المهازيل، وإن كانوا طغاة متجبرين:
{فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}.
ولابد أن ندرك أن تدخل القوة الكبرى للفصل بين الرسل وقومهم إنما يكون دائمًا بعد مفاصلة الرسل لقومهم.. بعد أن يرفض المسلمون أن يعودوا إلى ملة قومهم بعد إذ نجاهم الله منها.. وبعد أن يصروا على تميزهم بدينهم وبتجمعهم الإسلامي الخاص بقيادته الخاصة. وبعد أن يفاصلوا قومهم على أساس العقيدة فينقسم القوم الواحد إلى أمتين مختلفتين عقيدة ومنهجًا وقيادة وتجمعًا.. عندئذ تتدخل القوة الكبرى لتضرب ضربتها الفاصلة، ولتدمر على الطواغيت الذين يتهددون المؤمنين، ولتمكن للمؤمنين في الأرض، ولتحقق وعد الله لرسله بالنصر والتمكين.. ولا يكون هذا التدخل أبدًا والمسلمون متميعون في المجتمع الجاهلي، عاملون من خلال أوضاعه وتشكيلاته، غير منفصلين عنه ولا متميزين بتجمع حركي مستقل وقيادة إسلامية مستقلة..
{فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين}..
نون العظمة ونون التوكيد.. كلتاهما ذات ظل وإيقاع في هذا الموقف الشديد. لنهلكن المتجبرين المهددين، المشركين الظالمين لأنفسهم وللحق وللرسول وللناس بهذا التهديد..
{ولنسكننكم الأرض من بعدهم}..
لا محاباة ولا جزافًا، إنما هي السنة الجارية العادلة:
{ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}..
ذلك الإسكان والاستخلاف لمن خاف مقامي، فلم يتطاول ولم يتعال ولم يستكبر ولم يتجبر. وخاف وعيد، فحسب حسابه، واتقى أسبابه، فلم يفسد في الأرض، ولم يظلم في الناس، فهو من ثم يستحق الاستخلاف، ويناله باستحقاق.
وهكذا تلتقي القوة الصغيرة الهزيلة قوة الطغاة الظالمين بالقوة الجبارة الطامة قوة الجبار المهيمن المتكبر فقد انتهت مهمة الرسل عند البلاغ المبين والمفاصلة التي تميز المؤمنين من المكذبين.
ووقف الطغاة المتجبرون بقوتهم الهزيلة الضئيلة في صف، ووقف الرسل الداعون المتواضعون ومعهم قوة الله سبحانه في صف. ودعا كلاهما بالنصر والفتح.. وكانت العاقبة كما يجب أن تكون:
{واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ}..
والمشهد هنا عجيب. إنه مشهد الخيبة لكل جبار عنيد. مشهد الخيبة في هذه الأرض. ولكنه يقف هذا الموقف، ومن ورائه تخايل جهنم وصورته فيها، وهو يُسقى من الصديد السائل من الجسوم. يُسقاه بعنف فيتجرعه غصبًا وكرهًا، ولا يكاد يسيغه، لقذارته ومرارته، والتعزز والتكره باديان نكاد نلمحهما من خلال الكلمات! ويأتيه الموت بأسبابه المحيطة به من كل مكان، ولكنه لا يموت، ليستكمل عذابه. ومن ورائه عذاب غليظ..
إنه مشهد عجيب، يرسم الجبار الخائب المهزوم ووراءه مصيره يخايل له على هذا النحو المروّع الفظيع. وتشترك كلمة {غليظ} في تفظيع المشهد، تنسيقًا له مع القوة الغاشمة التي كانوا يهددون بها دعاة الحق والخير والصلاح واليقين.
وفي ظل هذا المصير يجيء التعقيب مثلًا مصورًا في مشهد يضرب الذين كفروا؛ ولفتة إلى قدرة الله على أن يُذهب المكذبين ويأتي بخلق جديد.
ذلك قبل أن يتابع مشاهد الرواية في الساحة الأخرى، وقد أسدل الستار على فصلها الأخير في هذه الأرض، مخايلًا بالساحة الأخرى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد}..
ومشهد الرماد تشتد به الريح في يوم عاصف مشهود معهود، يجسم به السياق معنى ضياع الأعمال سدى، لا يقدر أصحابها على الإمساك بشيء منها، ولا الانتفاع به أصلًا. يجسمه في هذا المشهد العاصف المتحرك، فيبلغ في تحريك المشاعر له ما لا يبلغه التعبير الذهني المجرد عن ضياع الأعمال وذهابها بددًا.
هذا المشهد ينطوي على حقيقة ذاتية في أعمال الكفار. فالأعمال التي لا تقوم على قاعدة من الإيمان، ولا تمسكها العروة الوثقى التي تصل العمل بالباعث، وتصل الباعث بالله.. مفككة كالهباء والرماد، لا قوام لها ولا نظام. فليس المعول عليه هو العمل، ولكن باعث العمل. حركة آلية لا يفترق فيها الإنسان عن الآلة إلا بالباعث والقصد والغاية.
وهكذا يلتقي المشهد المصور مع الحقيقة العميقة، وهو يؤدي المعنى في أسلوب مشوق موح مؤثر. ويلتقي معهما التعقيب:
{ذلك هو الضلال البعيد}..
فهو تعقيب يتفق ظله مع ظل الرماد المتطاير في يوم عاصف.. إلى بعيد!!
ثم يلتقي مع مشهد الرماد المتطاير ظل آخر في الآية التالية، التي يلتفت فيها السياق من مصائر المكذبين السابقين إلى المكذبين من قريش، يهددهم بإذهابهم والإتيان بخلق جديد:
{ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز}..
والانتقال من حديث الإيمان والكفر، ومن قضية الرسل والجاهلية إلى مشهد السماوات والأرض.. هو انتقال طبيعي في المنهج القرآني..
إن بين فطرة الكائن الإنساني وبين هذا الكون لغة سرية مفهومة!.. إن فطرته تتلاقى مباشرة مع السر الكامن وراء هذا الكون بمجرد الاتجاه إليه والتقاط إيقاعاته ودلالاته!
والذين يرون هذا الكون ثم لا تسمع فطرتهم هذه الإيقاعات وهذه الإيحاءات هم أفراد معطلو الفطرة. في كيانهم خلل تعطلت به أجهزة الاستقبال الفطرية. كما تصاب الحواس بالتعطل نتيجة لآفة تصيبها.. كما تصاب العين بالعمى، والأذن بالصمم، واللسان بالبكم!.. إنهم أجهزة تالفة لا تصلح للتلقي؛ ومن باب أولى لا تصلح للقيادة والزعامة!.. ومن هؤلاء كل أصحاب التفكير المادي الذي يسمونه المذاهب العلمية كذبًا وافتراء.. إن العلم لا يتفق مع تعطل أجهزة الاستقبال الفطرية وفساد أجهزة الاتصال الإنسانية بالكون كله! إنهم الذين يسميهم القرآن بالعمْي.. وما يمكن أن تقام الحياة الإنسانية على مذهب أو رأي أو نظام يراه أعمى!!!
إن خلق السماوات والأرض بالحق يوحي بالقدرة كما يوحي بالثبات.
فالوحي ثابت مستقر حتى في جرسه اللفظي.. ذلك في مقابل الرماد المتطاير إلى بعيد. وفي مقابل الضلال البعيد.
وفي ضوء مصير المعاندين الجبارين في معركة الحق والباطل يجيء التهديد:
{إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد}..
والقادر على خلق السماوات والأرض، قادر على استخلاف جنس غير هذا الجنس في الأرض. واستخلاف قوم مكان قوم من أقوام هذا الجنس. وظل الذهاب بالقوم يتسق من بعيد مع ظل الرماد المتطاير الذاهب إلى الفناء.